الرسائل السلبية : عندما تصبح الكلمات مقابر للأفكار

تدخل غرفة الاجتماعات في العمل مفعم بالحيوية و النشاط ، و تعرض أفكارك و خطتك الطموحة لتطوير العمل و قد أعددت لذلك عرضا مميزا و مدعما بالرسومات البيانية و الدراسات العلمية اللازمة .. كيف ستكون تعليقات الحاضرين للاجتماع ؟

  • ما هذه الأفكار الغريبة ؟
  • لقد جربناها من قبل !
  • الميزانية لا تسمح !
  • إنها خارج نطاق مسؤولياتنا !
  • أنا متأكد أنها لن تنجح !

 يخرج مجموعة من الشباب في مبادرة لتنظيف الحي ، أو تنظيم المرور أو حملة توعية فتواجه بالعبارات التالية:

  • لعب عيال !
  • أكيد يعملوا لصالح ………. !
  • مجهودات ضائعة ع الفاضي !
  • يحرثوا في البحر !
  • أجندة خارجية !

 مثل هذا النوع من السلوك يسمى الرسائل السلبية ، و هي ظاهرة في كل المجتمعات و لكن حدتها و انتشارها و تأثيرها يكون أقوى في المجتمعات التي تعاني من الإحباط و الأزمات و حالات الفشل الجماعي ، فيتم من خلالها قتل أية بذور صالحة ليشعر الفاشلون أن وضعهم هو الطبيعي و الصحيح و يستمروا في فشلهم بنجاح !

 لماذا الرسائل السلبية ؟

 يقدم الدكتور هشام شرابي في كتابه مقدمة لدراسة المجتمع العربي تفسيرا مميزا لأغلب الظواهر في مجتمعنا العربي من خلال تحليل جذورها و العودة بها إلى تجاربنا و خبراتنا المكتسبة في محيطنا الأسري . و يتحدث في كتابه عن ظاهرة أسماها ” نجاح أخي فشلي” ، فأثناء تربية الأطفال يعتقد كثير من الآباء و الأمهات أنهم يقومون بتحفيز أطفالهم و دفعهم للتفوق من خلال مقارنتهم بإخوانهم أو أقرانهم أو أقاربهم كقولهم مثلا : لقد فعل أخوك كذا و أنت لا ؟ ألا تستطيع أن تكون مثله ؟ أنظر إلى فلان ؟ … الخ فيتمنى الطفل الأ ينجح احد و ألا يتفوق عليه احد و يشعر بمشاعر الحقد و الحسد و الغيرة تجاه كل الناجحين حوله سواء كانوا إخوانه في البيت أو أقرانه في المدرسة ، و بمجرد اتساع الدائرة و الخروج الي عالم أكبر سواء كان ذلك في مجال العمل أو الحياة الاجتماعية فإن هذه المشاعر تتحول إلى سلوك دفاعي يسعى خلاله الفرد الى حماية وجوده و الشعور بأهميته و قيمته من خلال محاربة الناجحين من حوله فيبدأ بإنتاج الرسائل السلبية بشكل لاشعوري و بطريقة آلية و بدون إدراك منه لسبب ذلك معتقدا إن ذلك تصرف طبيعي ، إن وجود أي شخص ناجح حوله أو أفكار ناجحة حوله تتحول إلى تهديد لأن أي نجاح هو بمثابة تذكير له بفشله أو تقليل من قيمته أمام نفسه و أمام الأخرين .

 كيف نتعامل مع الرسائل السلبية ؟

  هنا أنت أمام احتمالين ، إما أن تكون مصدرا للرسائل السلبية و إما أن تكون مستقبلا للرسائل السلبية .  فلو كنت مصدر للرسائل السلبية ، فإن حالة الوعي بطبيعة هذه الرسائل و سببها يفترض أن يخلق لديك مساحة للتفكير في عباراتك قبل قولها . هل أقولها لأني ارغب في تطوير الفكرة أم في تدميرها ؟ هل هي تعبير عن إحساسي بالخطر ؟ هل أقول ذلك لأني لا أستطيع القيام بعمل مشابه ؟

أما إذا كنت مستقبلا للرسائل السلبية ، فتذكر انها لا قيمة لها ، و إنك تمنحها هذه القيمة باهتمامك بها و تأثرك بها ، و تذكر أن الشخص الآخر ينتجها بدون وعي و إدراك فما عليك إلا أن تجد له العذر و تبتسم و تستمر في طريقك إلي النجاح .

 رسالة إلى الآباء و الأمهات

 أبناؤكم و بناتكم مميزون و لكنهم مختلفون فلا تقارنوا بينهم و حاولوا أن تكتشفوا أماكن تميزهم و شجعوهم ليعرفوا قدراتهم و يطوروها فيكبروا متميزين و ناجحين و مختلفين و يقدرون التميز و النجاح و الاختلاف .

 هل مررت بتجارب مماثلة ؟ ماذا فعلت ؟ اكتب لنا عن تجاربك الشخصية و دعنا نتشارك معا .

تعليق واحد على

  1. برقوش

    حقيقة هذه هي التقافة السائدة لدى الشعوب الجاهلة و المتخلفة، ثقافة الإحباط و الفشل و الإفشال

    رد

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.