دمج الديمقراطية في مؤسساتنا : تجربة دستور محاسبة التكاليف

لا تنحصر عملية التوعية المدنية في الاطار التدريبي الضيق المتعلق بالورش التدريبية ، و إنما يجب ان يمتد نشاطها بشكل أكثر عمقا و تأثيرا بحيث تتحول الي جزء من حياتنا اليومية ، إذا استطعنا غرس تلك المفاهيم بطريقة غير مباشرة ، فإن تأثيرها يكون أقوى لأنها بطبيعة الحال تصبح جزءا من سلوكنا اليومي . في إطار تجربتي مع مفهوم الدستور لجأت الي تصميم تجربة توعية مدنية عملية أسميتها “دستور المقرر” لطلابي في المرحلة الجامعية في شكل ملخص مختصر من ثلاث ورقات . دستور المقرر مجموعة من الفقرات المكتوبة و التي من خلالها يتم تنظيم العلاقة بين الطالب و الأستاذ فيما يخص كل تفاصيل المقرر.

  • مفردات المقرر .
  • مواعيد المحاضرات و الساعات المكتبية .
  • متطلبات المقرر من اوراق بحثية و شروط إعدادها .
  • عملية التقييم و توزيع الدرجات و شكل الاختبارات و توقيتها .
  • مخطط دراسي و تقييم ذاتي مستمر .

و أصبح هذا الدستور هو الأساس الذي تتحدد من خلاله علاقتي بطلابي ، فالتزم بكل ما ورد فيه من تفاصيل ، و يساعد طلابي في فهم ما لهم من حقوق و ما عليهم من واجبات ، و يمكنهم مساءلتي و الاحتكام الي نصوص الدستور و مواده في حالات الاختلاف . و يهدف هذا الدستور الي :

  • تحديد طبيعة العلاقة بين الأستاذ و الطالب و الحقوق و الواجبات .
  • مساعدة الطالب في عملية التخطيط لدراسة المقرر .
  • توفير مرجع مكتوب للمساءلة و التقييم .

مثل هذا النوع من الأنشطة يمكن أن يوفر ترسيخا لمفاهيم الدستور و فوائده بشكل غير مباشر ، من خلال استفادة الطالب من هذا الدستور الخاص بالمقرر ، و مقارنة إدائه في المقرر الذي فيه دستور و في المقررات الأخرى التي ليس لديها دستور و ملاحظة الفرق. كما أنه قابل للتطبيق في العديد من المجالات في في حياتنا اليومية ، فيمكن أن يكون هناك دستور في البيت و دستور في المدرسة ، و يمكن ان يتم تنظيم نشاط رياضي أو ترفيهي في الحي و يكون له دستور و هكذا …. أن توفر مادة مكتوبة لتنظيم شؤوننا يجعلها أكثر وضوحا و عدالة ، و يوفر لنا أساسا للمساءلة و التقييم . إذا أردنا ان نوصل المفاهيم الي الأخرين فيجب علينا أن نجعلهم يشعرون بفائدتها و تأثيرها عليهم .

أثناء عرضي لدستور ” مقرر محاسبة التكاليف على طلابي ، توجه الي أحد طلابي بتساؤل : و لكن يا أستاذ الأ يجب علينا الاستفتاء على الدستور ؟ فابتسمت لسؤاله الذكي و أجبت : هناك انواع من الدساتير في العالم لا يوجد فيها استفتاء ، إنها دساتير المنحة ! و من هنا أبتدا نقاش صغير حول بعض التفاصيل لنعود بعد لحظات الي تفاصيل دستور المقرر من جديد . و عندما قمت بتطبيقه مرة ثانية ، فإنني خصصت المحاضرة الأولى لمناقشة بعض البنود قبل إطلاق دستور المقرر كنوع من الشورى حول بعض الفقرات كتوزيع الدرجات و مواعيد الاختبارات و غيرها من الأمور التي حاولت أن اجعل الطالب مشاركا في اتخاذ القرار حولها قبل إصدار الدستور ، كترسيخ لمفهوم الشورى و التوافق حول بنود الدستور .

  • ماذا تعتقد عن هذه الفكرة ؟
  • هل يمكنك تطبيقها في محيطك ؟ كيف يمكن تطويرها ؟

يمكنك تحميل نسخة PDF من “دستور مقرر محاسبة التكاليف” للاطلاع من هنــا .

تعليق واحد على

  1. إبتسام خليفة

    فكرة رائعة فهي تلزم اﻷستلاذ كما تلزم للطالب بالسير وفق إطار معين ومنهجية تنظيمية تجعل اﻷمور أكثر وضوحا وتخلق نوعا من المساواة بين الطالب واﻷستاذ وهو ماينقص مؤسساتنا التعليمة والتي يكون اللوم دائما من نصيب الطالب ولا أحد يجرؤ على لوم اﻷستاذ على تقصيره واستهتاره فيكون لكل منهما حقوق وواجبات واضحة المعالم أو باﻷحرى أغلب مؤسساتنا
    وهي توعية بطريقة جديدة لمفهوم الدستور وآليات وضعيه وأهميته وفائدته .
    كما أنه يمكن تطبيقها في كل أمور حياتنا فالتشارك في اتخاذ القرارات ورسم الخطط يجعل المسؤولسة مشتركة والعمل على إنجاحها يكون على عاتق الجميع ولامجال فيها ﻹلقاء اللوم على أحد دون اﻵخر فالقرارات كانت بمشورة وموافقة الجميع أو اﻷغلبية

    رد

اترك رداً على إبتسام خليفة إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.