لعنة الموارد الوفيرة

لعنة الموارد الوفيرة

تعرف أيضا بمفارقة الكثرة ، وتشير الي تلك المفارقة التي تمر بها الدول التي تحوز على موارد وفيرة خصوصا الموارد غير المتجددة مثل المعادن والنفط ، حيث تكون معدلات نموها الاقتصادي منخفضة  وتكون أقل الدول ديمقراطية و تطورا مقارنة بالدول الأخرى ذات الموارد القليلة.

نظرية لعنة الموارد الوفيرة :

ترتكز هذه النظرية على فكرة مفادها أن الموارد الوفيرة تشكل لعنة على الاقتصاد اكثر من كونها نعمة ، وقد كانت هذه الفكرة محل نقاش في فترة الخمسينات و الستينات من القرن العشرين ، الا أن مصطلح لعنة الموارد الوفيرة استخدم لأول مرة عام 1993 بواسطة ريتشارد أوتي وذلك اثناء وصفه للوضع الاقتصادي للدول الغنية بالموارد المعدنية وكيف انها لا تستطيع برغم غناها وثراءها أن تحقق تقدما اقتصاديا او تنمية حقيقية .

دراسة جيفري ساتشس واندرو  وارنر وجدت أيضا علاقة ارتباط قوية بين الموارد الطبيعية الوفيرة والنمو الاقتصادي البطئ ، بالاضافة الي مئات الدراسات الأخرى والتي تحاول الاجابة عن كيف و لماذا و متى تحدث لعنة الموارد الوفيرة ؟

يصنف صندوق النقد الدولي 51 دولة على أنها دول غنية بالموارد ، حيث أن ما يعادل 20% من إيرادات هذه الدول على الأقل تأتي من موارد طبيعية غير متجددة ، 29 دولة منها تعتبر من الدول ذات الدخل المنخفض الي المتوسط و من خصائص هذه الدول الـ 29 :

1- اعتماد كبير على مورد واحد للدخل .

2- انخفاض معدلات الادخار.

3- ضعف معدلات التنمية و النمو الاقتصادي.

4- التذبذب في الايرادات من المورد .

الآثار الاقتصادية للعنة الموارد الوفيرة 

أولا : الموارد البشرية

في كثير من الدول الفقيرة ، تمتاز الصناعات التي تنشا على الموارد الطبيعية بأجورها المرتفعة مقارنة بغيرها مما هو متاح في البلاد. حيث يؤدي ذلك بالنتيجة الي توجه أصحاب المهارات في القطاعات الأخرى – سواء كانت الحكومية او الخاصة – للعمل في صناعات محددة مما يؤثر سلبا على توزيع المهارات و تحقيق توازن في البلاد . كما ان الدول صاحبة الموارد الوفيرة – وخصوصا ما يعتمد منها على قطاع النفط – تقوم بإهمال التعليم و عدم الانفاق عليه ، حيث انها لا ترى أي حاجة له الآن ، فلا توجد أية عوائد من الانفاق على التعليم في حين تدر الثروات الطبيعية دخلا هائلا. إن دولا مثل كوريا الجنوبية ، تايوان و سنغافوره ، حيث تنعدم الموارد الطبيعية ، فإنها تركز بشكل كبير على التعليم و يساهم ذلك بشكل كبير في إزدهارها الاقتصادي .

ثانيا : الدخل و التوظيف

على الرغم من الدخول المرتفعة والوظائف التي توفرها الموارد الوفيرة في المدى القصير ، الا أن الدراسات العلمية أشارت أن لها تأثيرات سلبية على المدى الطويل فهى تؤدي الي انخفاض معدلات النمو الاقتصادي في الدول و ضعف معدلات التنمية الاقتصادية.

ثالثا : عدم الاستقرار في الايرادات :

عندما تعتمد إيرادات الدولة بشكل رئيسي على مصدر وحيد للدخل ، فإن عدم الاستقرار في أسعار بيع هذا المورد تؤثر بشكل سلبي في تنفيذ مخططات الحكومة وإدارة الأمور المالية و النقدية للبلاد .

الآثار السياسية للعنة الموارد الوفيرة

أولا : الصراعات المسلحة

وجدت الدراسات العلمية أن الدول ذات الموارد الوفيرة تكون مرشحة اكثر من غيرها لاحتمال دخولها في صراعات مسلحة داخلية كانت أم مع دول اخرى ، حيث وجدت إحدى الدراسات أنه في الدول التي تمثل نسبة مساهمة المصادر الوفيرة في ناتجها القومي الاجمالي 5% ، تكون نسبة احتمال دخولها في نزاع مسلح 6% ، وترتفع في الدول ذات 25% كنسبة مساهمة في الناتج القومي الاجمالي لتصل الي 33%. يرجع ذلك الي ان الثروة الناتجة من الموارد الوفيرة تزيد الرغبة في السيطرة والتحكم في موارد و منابع الثروة ، كما أنها تمثل مصدر وفيرا للانفاق على التسلح وتمويل نفقات الحروب ، خصوصا في ظل وجود قيادات وحكومات غير رشيدة ، يشير تقرير صدر عام 2016 الي أن الدول التي تنفق اكثر من 6% من ناتجها القومي الاجمالي على برامج التسليح و الدفاع و هي (سلطنة عمان ، جنوب السودان ، السعودية ، العراق، ليبيا ، الجزائر) و من الملاحظ ان هذه الدول جميعها هي دول نفطية ذات مورد وحيد للدخل.

ثانيا : الحكم الدكتاتوري :

تشير الدراسات العلمية الى ان الدول النفطية الغنية ذات مستو منخفض في  الديمقراطية كما أنها تدعم و تقوي الحكم الدكتاتوري. و يرتبط ذلك بمورد واحد فقط وهو النفط كما يشير مايكل روس في دراسته . النفط يقوي النظم الدكتاتورية ويجعل الانتقال لنظام ديمقراطي مسألة غاية الصعوبة ومحفوفة بالمخاطر وغير متوقعة النتائج .

في الدول التي لا تعتمد على مصدر وحيد للدخل ، تساهم مصادر متنوعة في تحقيق الدخل من بينها الايرادات من الضرائب التي يدفعها المواطنون ، والتي تعمل على تقوية الروابط بين الشعب و الحكومة ، فالمواطن الذي يدفع الضرائب ويساهم في بناء الدولة ينشأ على حب البلاد ويساهم في المحافظة على المال العام و مراقبته ، بل أن الحكومة تكون في خدمته فمن خلاله يتوفر لها الوظائف .  وتنعدم هذه العلاقة حيث تنخفض نسبة المواطنة والانتماء للوطن في الدول الغنية ذات المورد الوحيد – خصوصا النفطية منها- فالمواطن هو عبء على الحكومة ، والحكومة تغطي كل نفقاتها من ايرادات النفط . وهم جميعا يعيشون في حالة من الصراع الدائم وكل واحد منهم يريد أن يستحوذ على أكبر قدر ممكن من الثروة معللا ذلك بطريقته الخاصة. لذلك فإن معدلات الفساد تكون مرتفعة ويصاحبها انخفاض الاداء الاداري والحكومي .

ترى أي مستقبل ينتظر تلك الدول التي ترفل في نعيم المورد الوفير الوحيد ، متغافلة عن آثاره السلبية عن قصد أو جهل أو التي تغرق في استهلاك و استنفاد مواردها و تجهيل شعوبها و الدخول في صراعات و نزاعات لا تنتهي الا بدمار كل شئ !!؟

مترجمة بتصرف عن موقع الويكبيديا الانجليزي

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.